http://www.alrai.com/article/589316.html
خسارة سنديانه نقابية مميزة
حمادة فراعنة
فقد الأردن وفلسطين ، هامة نقابية مشهود لها بالحضور والأيجابية ، قلما تتوفر في ذات إنسانية كتلك التي ميزت المهندس الراحل إبراهيم أبو عياش ، وطبعت صفاته وسلوكه السياسي والنقابي والمهني ، فقد كان أردنياً حتى النخاع ، وفلسطينياً حتى الأنصهار ، وبروح عربية قومية ، تتجسد فيها قيم التوافق والأنسجام ، كعوامل طبيعية مكملة لبعضها ، بلا تردد أو تكلف أو إدعاء . لم يتوقف أحد ، ليشكل مأخذاً عليه ، لأنه جمع في شخصه ، نقيباً للمهندسين الأردنيين ، ورئيساً لإتحاد المهندسين العرب ، وعضواً في المجلسين الوطني والمركزي الفلسطينيين ، الذي يجسد وحدة الشعب العربي الفلسطيني في أماكن تواجده داخل الوطن وخارجه . في مرحلة ما قبل عام 1989 ، عام الإنتخابات النيابية ، وإلغاء الأحكام العرفية ، وترخيص الأحزاب السياسية ، في تلك المرحلة كان عنوان المعارضة السياسية هو مجمع النقابات المهنية بقياداته القومية واليسارية ، وكان للنقباء الكبار سليمان الحديدي وإبراهيم بكر وحسن خريس وإبراهيم أبو عياش وغيرهم الدور البارز ، في تأييد سياسات ، وفي شجب سياسات ، وكان الثقل الذي أوجدوه لأنفسهم ، والقيمة المعنوية والمادية لمواقعهم ، سواء أمام شعبنا ، أو أمام الدولة ، ما جعلهم ذوات رصينة ، كان ينظر لها الراحل الملك حسين بالتقدير والأحترام ، وكثيراً ما شهدت ذلك في إجتماعات سياسية ، عملت لها أو شاركت بها ، مما وفر لي فرصة الشهادة أو نزوع التعلم من هؤلاء ، في حضرة الحسين وأمامه . لقد فقدت الحركة السياسية والنقابية الأردنية والفلسطينية ، برحيل إيراهيم أبو عياش ، معلماً كبيراً الألمعي مهنياً ، والجامع نقابياً والواضح سياسياً بدون حدة وإستعلاء ، بل عبر تواضع جم رغم إمكاناته المتقدمة على الأخرين ، علماً ومهنية وسياسة ، وقد كان له الباع الطويل ، في تحقيق أخر إنجازاته عبر التوصل إلى إتفاق تعديل النظام الداخلي لهيئة المكاتب الهندسية ، مع مجلس نقابة المهندسين الذي تجاوب مع وساطة قادها مع أخرين أدت إلى تشريع النظام الذي سيعطي العمل الأستشاري الهندسي في الأردن قفزة مهنية ونقابية إلى الأمام . مثلما كان له الباع الطويل ، في ترتيب الأوضاع الداخلية في ما يسمى إجتماع « مرمرة « ، الذي أدى إلى نجاح الطاقم النقابي الذي يقود هيئة المكاتب الهندسية اليوم إعتماداً على إفرازات الإنتخابات الداخلية للتجمع النقابي السياسي الذي يمثله القائد النقابي قاهر صفا . رحم الله إبراهيم أبو عياش ، وعزاء محبيه في الأردن وفلسطين أن شعبنا هنا وهناك قادر على مواصلة الطريق الذي خطه الفقيد الكبير من أجل الأردن وإستقراره وتعدديته وإحتكام مؤسساته لصناديق الأقتراع ، ومن أجل حرية فلسطين وإستقلالها وعودة شعبها اللاجئ إليها ، فالعديد أمثال أبو العبد ، شموع ، سعت لتبديد الظلام واليأس ، نحو مواصلة الطريق وصولاً نحو الهدف
http://www.alrai.com/article/599674.html
الإبراهيمان: «بدران»… بهما يكتمل القمر
د. اسعد عبد الرحمن
«ذهب مع الريح»؟ لا بل ذهب مع النسيم! هكذا غادرنا ابراهيم ابو عياش (أبا العبد). كذلك, قضي الأمر! وكذلك, كان هو دماً! هو رجل النسيم. وحتى, في ذكرى اربعينه, ما نزال نشم عطورا يحملها لنا هذا النسيم! صحيح انه كان احيانا عاصفا كما تكون عليه أشد الرياح, لكنه لطالما عاد سريعاً الى طبيعته: طبيعة النسيم. صحيح انه عشق في حركة فتح جانب «العاصفة» لكنه, في الجوهر, كان يحب في «الحركة» نسيمها فذلك ما يتوافق مع طبيعته, ومع انسانيته. العاصفة عنده حالة ضرورة. اما العاطفة فهي عنده الطبع والأصل. احيانا, كانت تغلب «الصاد» عنده على «الطاء» وذلك من شدة الظلم الذي كان يراه يقع على شعبه وأمته, لكنه لطالما خلق صوب الأعالي بصفته رجل «الطاء».. رجل العاطفة! وحقا, لقد استحق لقب «الكونت» الذي اطلقه عليه صديقه القريب الذي يستحضر الحديث عن احدهما الحديث عن الآخر.«الكونت» هو اللقب الذي أسبغه عليه ابراهيم بكر – بقدر من الهزل معادل للجد- فالتصق اللقب, منذئذ, تماما باسم ابراهيم ابو عياش! ومن كان بقادر على إلقاء العباءة المذهبة على كتفي ابراهيم فيصبح اول «كونت» عربي سوى ابراهيم الاقتحامي: ابراهيم بكر؟ والاخير هو الكبير رجل الاقتحام: فكرا, وقانونا, ونضالا, وعملا سياسيا. وكم اعتززت, في اعماقي, بصداقتي الحميمة معهما, مثلما اعتززت بكل واحدة منهما على حدة وايضا معا.. وعنهما سيرد حديث اراه مسهبا في «مذكراتي» التي اراها قادمة (ما لم يزرني الموت فجأة ولنا في الابراهيمين عبرة!). حديث يكمل جانب مهم منه جانبا مهما آخر! فابراهيم الاقتحامي «عزل» نفسه عن كثير من متع الحياة لأنه كان من كان, ولأنه كذلك اراد ان يكون ما كان. لكنه – ولحسن الطالع- فهم, بل تفهم بحضاريته المعروفة, نوازع الآخرين وعلى رأسهم «الكونت ابراهيم».كانا يختلفان في السياسة! واختلافهما كان حضاريا. لكنهما ما اختلفا لحظة في المبادئ. كلاهما انساني كي لا اقول اممي, وقومي عروبي, واردني عميق الانتماء, وفلسطيني حتى النخاع, وعلماني بدون حدود. وكانا على وفاق نضالي طوال ساعات العمل اليومي الذي غالبا ما امتد من السادسة صباحا حتى الثامنة او التاسعة مساء. لا يكلاّن ولا يملاّن من العمل الإنتاجي (كل في مهنته) وفي السياسة والعمل الوطني, ومنه النقابي القيادي بالطبع. اما حين يهبط جناح ظلام الليل فلكل منهما حياته. ابراهيم الاقتحامي يتوغل اكثر في عالم القراءة والكتابة, وابراهيم النسيم يذهب الى عالم «الكونت»! عالم مليء بالحياة: أناقة ثيابية تسبقها أناقة اجتماعية, وتواكبهما أناقة معيشية. ومع ذلك, لم يكن هذا العالم الليلي منفصلا عن عالم النهار. وكم من المرات رأيت فيها «الكونت ابراهيم» ينسى شغفه بالحياة ويعود الى همومها إذا ما مس جليس أيا من معتقداته ومبادئه.ابراهيم الكونت وابراهيم الاقتحامي: «بدران» بهما يكمل القمر! وعند مثلي, بفقدانهما, يكتمل الحزن!